کد مطلب:58454 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:267

حدیث سیف بن ذی یزن











ومن ذلك: حدیث سیف بن ذی یزن، والروایة بذلك مشهورة، عن أبی صالح، عن ابن عبّاس قال: لمّا ظفر سیف بن ذی یزن بالحبشة ـ وذلك بعد مولود النبیّ صلّی الله علیه وآله وسلّم بسنتین ـ وفد العرب وأشرافها إلیه وفیهم: عبد المطلب بن هاشم واُمیّة بن عبد شمس، وعبدالله بن جذعان، وأسد بن خویلد، ووهب بن عبد مناف، وغیرهم من وجوه قریش، فقدموا

[صفحه 63]

علیه صنعاء فاستأذنوا وهو فی قصر، یُقال له غمدان، وهو الذی یقول فیه اُمیّة بن أبی الصلت:


اشرب هنیئاً علیك التاج مرتفعاً
فی رأس غمدان دار منك محلالا


ثمّ ساق الحدیث إلی أن قال: فأرسل إلی عبد المطّلب فادنی مجلسه ثمّ قال: یا عبد المطّلب إنّی مفض إلیك من سرّ علمی أمراً لو كان غیرك لم أبح به إلیه ولكنّی رأیتك معدنه فأطلعتك علیه، فلیكن عندك مطویّاً حتّی یأذن الله فیه فإن الله بالغ أمره، إنّی أجد فی الكتاب المكنون والعلم المخزون الذی اخترناه لاَنفسنا واُخبرناه دون غیرنا خبراً عظیماً وخطراً جسیماً، فیه شرف الحیاة، وفضیلة الوفاة، للناس عامّة ولرهطك كافّة، ولك خاصّة.

فقال عبدالمطلب: مثلك أیّها الملك قد سرّ وبرّ فما هو؟ فداك أهلالوبر زمراً بعد زمر.

فقال: إذ ولد بتهامة غلام بین كتفیه شامّة كانت له الاِمامة ولكم به الزعامة إلی یوم القیامة.

فقال عبد المطّلب: أبیت اللعن، لقذ إبْتُ بخیر ما آب بمثله وافد، ولولا هیبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من أسراره ما أزداد به سروراً.

فقال ابن ذی یزن: هذا حینه الذی یولد فیه، أو قد ولد فیه، اسمه محمد، یموت أبوه واُمّه ویكفله جدّه وعمّه، وقد ولد سراراً، والله باعثه جهاراً، وجاعل له منّا أنصاراً، یعزّ بهم أولیاءه ویذلّ بهم أعداءه، یضرب بهم الناس عن عرض، ویستبیح بهم كرائم الاَرض، یكسّر الاَوثان، ویخمد النیران، ویعبد الرحمن، ویدحر الشیطان، قوله فصل، وحكمه عدل، یأمر بالمعروف ویفعله، وینهی عن المنكر ویبطله.

فقال عبد المطّلب: أیّها الملك عزّ جدّك، وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك، فهل الملك سارّی بإفصاح فقد أوضح لی بعض الاِیضاح؟

[صفحه 64]

فقال ابن ذی یزن: والبیت ذی الحجب، والعلامات علی النصب، إنّك یا عبد المطّلب لجدّه غیر كذب.

قال: فخرّ عبد المطلب ساجداً، فقال له: إرفع رأسك ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شیئاً ممّا ذكرته؟

فقال: كان لی ابن وكنت به معجباً وعلیه رفیقاً، فزوّجته كریمة من كرائم قومی آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام فسمّیته محمّداً، مات أبوه وامّه وكفّلته عمّه.

قال ابن ذی یزن: إنّ الذی قلت لك كما قلت لك، فاحتفظ بابنك، واحذر علیه الیهود فإنّهم له أعداد ولن یجعل الله لهم علیه سبیلاً، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرّهط الذی معك فإنّی لست آمن أن تدخلهم النّفاسة من أن تكون له الرّئاسة، فیطلون له الغوائل وینصبون له الحبائل، وإنهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم غیر شكّ، ولولا أنّی أعلم أنّ الموت مجتاحی قبل مبعثه لسرت بخیلی ورجلی حتّی أصیر بیثرب دار ملكه، فإنّی أجد فی الكتاب الناطق والعلم السابق أنّ یثرب دار ملكه، فیها استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أنّی أخاف فیه الآفات، وأحذر علیه العاهات، لاَعلنت علی حداثة سنّه أمره فی هذا الوقت، ولأوطأت أسنان العرب عقبه، ولكنّی سأصرف ذلك إلیك عن غیر تقصیر منّی بمن معك.

قال: ثمّ أمر لكلّ رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلّتین من البرود ومائة من الاِبل وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضّة وكرش مملوءة عنبراً.

قال: وأمر لعبد المطّلب بعشرة أضعاف ذلك، وقال: إذا حال الحول فائتنی. فمات ابن ذی یزن قبل أن یحول الحول.

قال: فكان عبد المطّلب كثیراً ما یقول: یا معشر قریش لا یغبطنی رجل

[صفحه 65]

منكم بجزیل عطاء الملك وإن كثر فإنّه إلی نفاد، ولكن یغبطنی بما یبقی لی ولعقبی من بعدی ذكره وفخره وشرفه، فإذا قیل: وما هو؟ قال: ستعلمنّ نبأ ما أقول ولو بعد حین[1] .

وقد روی هذا الحدیث الشّیخ أبو بكر أحمد بن الحسین البیهقی فی كتاب دلائل النبوّة من طریقین[2] .



صفحه 63، 64، 65.





    1. كمال الدین: 176 و 34، كنز الفوائد 1: 187، دلائل النبوة للاصبهانی 1: 114، الوفا بأحوال المصطفی 1: 125، ونقله المجلسی فی بحار الاَنوار 15: 191 و 11.
    2. دلائل النبوة للبیهقی 2: 9.